U3F1ZWV6ZTQzNTUwNjc2NzQ5ODk1X0ZyZWUyNzQ3NTUzMjc1ODQwMg==

الرضا الوظيفي Job Satisfaction -الهرم المصرى نيوز

أخي الكريم رجل الأعمال

 
 


بقلم دكتور محمد سيد بدوي
هل " الرضا الوظيفي "هو حلم بعيد المنال يرجوه المشتغلين في مجال الموارد البشرية Human Resources ؟ هل هو المدينة الفاضلة التي يتمناها المتخصصين في مجال الموارد البشرية؟ هل هو في مخيلتهم فقط؟ هل تحقيق الرضا الوظيفي هو مجرد أحلام فقط و لا يوجد لدينا واقع يُمَّكننا من تحقيق هذا الحلم؟
- الرضا الوظيفي ليس بالأمر الصعب و ليس بالأمر الحديث. لكن في البداية علينا أن نعرف ما هو الرضا الوظيفي حتي تتضح لنا الأمور.
تعريف الرضا الوظيفي: Job Description Definition 
هناك تعريفات كثيرة للرضا الوظيفي أفاض بها علينا العلماء و الباحثين و المتخصصين في مجال الموارد البشرية... و لكن فيما يلي تعريفي أنا المتواضع.
" الرضا الوظيفي هي حالة فعلية واقعية يشعر من خلالها العامل أو الموظف أنه يري حياته و كيانه و نجاحه من خلال عمله في هذه الوظيفة و من خلال أنه جزء لا يتجزأ من فريق العمل في هذه الشركة مهما كان حجمها أو نشاطها و يشعر تماماً أنه من خلال عمله في هذا المكان سيستطيع تحقيق كل أحلامه و آماله و أنه يشعر بالفخر لإنتمائه لهذا المكان و أن أسعد أوقاته هي ساعات عمله." (د. محمد سيد بدوي)
و عليه متي يتوفر هذا الإحساس و هذا الإتجاه عند العاملين نكون نحن كأصحاب أعمال قد حققنا الرضا الوظيفي داخل الشركات و المؤسسات.
بعض الباحثين يردون مصطلح الرضا الوظيفي و الرغبة في تحقيقه إلي عقود قليلة few decades مضت و مازالت الرغبة في تحقيقه قائمة حتي الآن.
و قد أثبتت الدراسات أن الشركات و أصحاب الأعمال الذين أخذوا خطوات فعلية لتحقيقه قد إستطاعوا بالفعل تحقيق نجاح و ربحية و ميزة تنافسية عن الشركات التي لا ترغب أو لا تستطيع أن تطبق الرضا الوظيفي للعاملين فيها. و لكن في رأيي أن الرضا الوظيفي له أصول عميقة و قديمة و لا يقتصر الأمر علي العقود القليلة الماضية فقط.
متي كانت البداية الفعلية للرضا الوظيفي؟  When did 'Job Satisfaction' really begin?
بدايةً و مما لا شك فيه جاءت تقنية تحقيق الرضا الوظيفي مع مجيء الأنبياء و الرسل حتي تستقيم الحياة بين صاحب المال و بين العامل ... بين الأجير و صاحب العمل ، بمعني آخر بين الغني الذي يملك كل شئ و العامل الفقير الذي لا يملك شئ.
و لأن العلاقة دائماً بين صاحب العمل و العامل مهمة جداً حتي تسير الحياة بصورة سليمة و ناجحة أكد الدين السماوي علي تنظيم هذه العلاقة و وضع ضوابط لها.
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم " أعطي الأجير حقه قبل أن يجف عرقه " سبحان الله العظيم نجد أن مفردات الحديث عبارة عن سبع كلمات فقط و لكنها حوت و إحتوت علي معاني يتم شرحها في مجلدات كاملة.
أعطي الأجير حقه....أي إعطيه أيها الغني صاحب المال Business Owner و صاحب المشروع مقابل تعبه و جهده فهذا حقه و أنت لا تمن عليه و إن كان ذلك حقه فلا تنقص منه شيئاً و إعطه حقه حتي يشعر بالرضا التام فلا يكون كاره لك أو ناقم عليك و لا يلجأ إلي الإهمال في شؤونك فتخسر أنت مالك كله.
....قبل أن يجف عرقه.... أي أيها الغني صاحب المشروع ، صاحب المال إعطي هذا العامل أجره و لا تُأَّخره أو تماطل في إعطاء العامل حقه و ذلك قبل أن يجف عرقه حتي تجعله يشعر بالإستقرار و الأمن و الأمان علي أجره الذي هو قوت يومه و قوت يوم أسرته.
نجد في هذا الحديث قمة الروعة و قمة الشرح و التوضيح لمعني الرضا الوظيفي.
بل نجد الأمر قد وصل لأبعد من هذا عندما تعامل النبي صلي الله عليه و سلم مع حديثي العهد بالإسلام فقد كافأهم النبي صلي الله عليه و سلم و أعطاهم الكثير من المغانم حتي يُؤلف قلوبهم و يُحببهم في الإسلام و أن النبي لم يكن ملكاً يأخذ كل الغنائم لنفسه و لكنه يوزع علي أصحابه الغنائم فقد أعطاهم صلي الله عليه و سلم بسخاء و زاد النبي صلي الله عليه و سلم حتي وصل إلي العطاء المعنوي و الشرفي أيضاً و ذلك في فتح مكة و عندما دخل أبو سفيان الإسلام  و النبي يعلم أن أبا سفيان كان محباً للشرف و المجد...فجعل النبي المنادي يقول: من دخل المسجد الحرام فهو آمن و من دخل بيته فهو آمن و أضاف صلي الله عليه و سلم... و من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن ... فكان هذا الأمر شرفاً لأبي سفيان.
إذن من الواجب علي الرئيس أن يراعي الرعية و يجب علي رجل الأعمال أن يراعي عماله و موظفيه و يجب علي صاحب المحل أو السوبر ماركت أن يراعي مساعديه. و هذا مبدأ عالمي يتم تطيبقه في مجال البزنس الآن في ظل العولمة Win-win situation  بمعني الكل معنا كسبان.    
 و لكن للأسف الكثير و الكثير من رجال الأعمال في وطننا العربي ينظرون إلي تحقيق الرضا الوظيفي عند العمال و الموظفين علي أنه مغرم و زيادة في التكلفة cost.
و اقول هنا من خلال منبري هذا ... للأسف هذه نظرة سطحية و ليست بالنظرة العميقة التي تري الأمور علي حقيقتها 
أخي الكريم رجل الأعمال....أخي الكريم صاحب المشروع عند تحقيق الرضا الوظيفي لعمالك و موظفيك فأنت بالإضافة إلي أنك تدفع لهم مقابل تعبهم و جهدهم فأنت أخي الكريم تشتري ولائهم لك و لمؤسستك. أنت بتحقيق الرضا الوظيفي تجعل منهم أيدي أمينة علي مالك و جعلت منهم جيشاً قوياً يدافع عن ممتلاكاتك. في وقت النكبات و وقت الأزمات ستجد هؤلاء العمال هم من سيدافعون عنك و عن شركاتك. 
و قد ظهر ذلك واضحاً جلياً في أحداث ثورة 25 يناير 2011 عندما تم فتح السجون و خرجت البلطجية و بدأوا في التعدي علي المنشآت كان بفضل الرضا الوظيفي أن العاملين في بعض الشركات التي ينعم فيها هؤلاء العمال بالرضا الوظيفي خرجوا و دافعوا عن هذه المنشآت لأنهم علموا يقيناً أن هذه المنشآت ... هذه الشركات هي مصدر دخلهم فيجب عليهم الحفاظ عليها.
و عليه إذا نظرنا إلي الرضا الوظيفي بمنظور ديني و هو المنظور الأهم الذي ينظم حياة الناس ، نجد أن الدين السماوي يحث الأغنياء ، أصحاب المال و المشروعات علي تحقيق الرضا الوظيفي للعمال و الموظفين . قال رسول الله صلي الله عليه و سلم " كلكم راعٍ و كلكم مسؤولٌ عن رعيته ".
و إذا نظرنا إلي الرضا الوظيفي بمنظور العقل و المنطق وجدنا ان المبدأ المتبع في لغة البزنس هو "خد و هات"Give and Take  بمعني أن المكسب في البزنس يخدم طرفين لا طرف واحد و هذه هي السياسة العالمية في البزنس Win-Win situation فالبرنس أصبح معادلة لها طرفين ... كلما ....... كلما ....... بمعني :
كلما حقق صاحب العمل أرباح و مكاسب و مكانة في السوق ، كلما حقق الموظف و العمال زيادة في الدخل و إستقرار و أمان من ناحية الوظيفة. 
و لكن عندما نجد رجال اعمال للأسف يتبعون مبدأ التقطير مع الموظفين و العاملين فذلك حتماً سيؤدي إلي إنهيار المؤسسة حيث أن عدم وجود الرضا الوظيفي سيجعل العامل بثقافته ينتقم من صاحب المال في شكل تدمير المواد الخام و الإستخدام الخاطئ للماكينات و قد يصل الحال إلي إهمال المشرفين و المهندسين و تغاضيهم عن السلبيات و الإهمال في أعمال الصيانة و هنا تصبح ثقافة العاملين مدمرة لكل المنشأة و أضف إلي ذلك أن العقول و النوابغ و الأشخاص ذوي المهارات سيتركوا الشركة بحثاً عن مكان أفضل يجدوا فيه الرضا الوظيفي.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة